ديناميكية الجماعة
إعداد: عبد الناصر مسناوي
إن التكوين الخاص بالجماعة والعمل الجماعي، وما يتعلق بالأهداف والطرق التي ساهمت في نشأة الجماعة يدفعنا لوضع إطار يضم شتات الآراء الكثيرة وتشغل دراسة الجماعات الصغيرة في الوقت الحالي، قطاعا هاما من علم النفس الاجتماعي وفي الولايات المتحدة الأمريكية بالخصوص وضعت أبحاث تجريبية بالغة التأثير، خصصت لدراسة الجماعات الصغيرة، والقوانين التي تتحكم في نموها، ولهذه الأبحاث أهداف ومسلمات متباينة، بحيث أنه من الممكن أن نتكلم على تعدد المدارس، فمثلا الباحثين والمنظرين الذين يستندون إلى ديناميكية الجماعة.
فما هي أسباب الاهتمام بسيكولوجية الجماعات الصغيرة ؟
إن أسباب اهتمام الباحثين بالجماعات التي تتألف من أشخاص محدودي العدد، هو اهتمام متنام يبدوا أنه يرجع إلى أسباب نظرية وأسباب عملية.
ففي القرن التاسع عشر أثار الباحثين ظهور الجمعيات لتأطير الجماعات البشرية، فكان بطبيعة الحال هذا الاهتمام له جذوره التاريخية، والتي يمكن تقسيمها على المستويات التالية:
1. على المستوى الصناعي: كان الهدف من هذا الاهتمام هو الطموح لفكرة تطوير والزيادة في الإنتاج.
2. على المستوى العسكري: ظهور نزاعات فاشية ونازية تهدد الأنظمة الإمبريالية الموالية للولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا،مما أدى إلى البحث المتطور انطلاقا من هذا الدافع السياسي.
3. على المستوى السياسي: ظهور أفكار سياسية مدققة كالفكر الماركسي وذلك لمواجهة الفكر الغربي أليبرالي، وكان بالتالي على المنظرين تحديد مناهج تطوير هذا الفكر.
4. تطور السكوسيولوجيا: في بداية القرن العشرين بدأ علم النفس وعلم الاجتماع كعلمين متقابلين في عملية تطور مشترك نحو هدف واحد هو إحداث علم النفس الاجتماعي.
5. إن كلمة جماعة في المصطلح الاجتماعي المعاصر سارت من الكلمات المستعملة بصفة مسترسلة ويحتوي على معنى له دلالات كثيرة ومتعددة:
• معنى اجتماعي.
• معنى بنيوي.
وإن القاسم المشترك بين هذه التعاريف هو تعدد الأفراد وتعاضدهم وتقويتهم أو ضعفهم.
هذا وإن اللغة المستعملة في كلمة جماعة والتي تدل على أفرادها بحيث نطلق عليهم كلمة أعضاء هي دلالة واضحة على وجود جسم موحد ومكون من نفس الخلايا التي تكون له بها صلة وثيقة وهي كذلك تعني ميمكن أن يكون مشتركا بين أشخاص وما يمكن أن تقوم به جماعة ما. وأن الجماعة تدفعنا إلى فكرة القوة وتدل على تجمع الناس بفكرة ما ... وهي تقابل فكرة الفرد.
إن الفرد يبحث دائما على الجماعة حيث يطلب منها الإعانة والاستقبال والترحيب فهو يخاف أن تطرده الجماعة أو تقذف به خارجها أو سلبه شخصيته فهو يبحث داخلها عن الحرارة عن الاستغناء العاطفي ويرفض أن يحس بالغربة.
ما هي الجماعة الأولية – الصغيرة – وخصائصها ؟
الجماعة الصغيرة التي يدرسها علم النفس الاجتماعي هي بالتعريف جملة أفراد قليلي العدد، يوجد بعضهم مع بعض بصورة مباشرة، ويشتركون في انجاز عمل مشترك وعمليا، فإن ما يربو عن 15 مشترك ليؤلف جماعة صغيرة بالتعريف السك وسوسيولوجي للمصطلح. ومن الشروط الأساسية التي تجعل منه مجموعة أفراد موجودة جماعة صغيرة نتطرق إلى ثلاثة شروط وهي:
• إدراك هدف مشترك.
• إدراك التبعية المتبادلة – وحدة نفسية – وتعلق الأفراد بعضهم ببعض لتحقيق ذلك الهدف.
• توفر فعاليات وجدانية - عاطفية – ضمن التزام جمعي، فادا اجتمعت هذه الشروط نجد أنفسنا حيال (جماعة) وليس حيال (تجمع)، ومن العدد العديد من تعارف الجماعة الصغيرة تعريف (تحيللي وتيبو) الذي يساق باستمرار: (إن عدد هذه الأفراد مجتمعين يعدو جماعة، استناد إلى أن الأعضاء يقبلون عملا مشتركا، ويصبح بعضهم تابعا للبعض الآخر في الأداء، يؤثر بعضهم في البعض لتحقيقه).
كما يستند هذا التعريف إلى فكرة أساسية هي فكرة التفاعل ... وقد توصل العلماء إلى وصف وسن قوانين لتوضيح الظواهر التي تحدث في الجماعات الأولية.
1. العاطفية:
الجماعة تعيش عاطفيا حالتين:
• حالة شعورية واعية : وهي حالة انجاز العمل في علاقة مباشرة مع الواقع (القلق الجماعي).
• حالة شعورية كامنة غير ظاهرة ، بصفة عامة لاشعورية محملة بعناصر عاطفية.
فالشخص يسعى إلى تحقيق أهداف معينة ( كتوفير نوع من الطمأنينة، الحماية، الاعتراف به). ونبين هذا بطريقة أخرى نقول (حيث أن الإنسان هو القادر على التفكير، فهو فقط الذي يختار الأهداف التي تمثل الرغبات والحاجيات، فادا ما انتهى من الرغبة في تحقيق أهداف ما، ومن وضع وتحديد هذه الأهداف، فهو يبدأ في العمل والتصرف بالطريقة التي يعتقد هو أنها ستساعده في تحقيق هذا الهدف.
إحساس ايجابي نحو الجماعة. وقد يسعى الشخص إلى الحفاظ عن حريته تجاه الآخرين والخوف من الآخر ينمي لديه شعور بالقلق والخوف من أعضاء الجماعة ويبحث عن القرار. الحالة الثانية غنية تمكن من ملاحظة ظاهرة مايقع في الجماعة وهناك حالات تهجم على المنشط وتحمله مسؤولية الصعوبات وتضع موضع الشك قدراته وإمكانياته، حية الجماعة المعاشة بشكل ايجابي تؤدي إلى ظهور نشوة العيش المشترك، الشعور بـ "نحن "Nou" قد تكون محملة بإحساس عاطفي ايجابي نحو أعضاء الجماعة وتركز التفاهم والرغبة في التواصل، قبول الغير، المشاركة في تحقيق الأهداف.
2. التقارب – التباعد:
في أحسن الحالات التقارب يكون متبادلا، وقد يكون في اتجاه واحد والتقرب من الغير غالبا ماجد جذوره في تشابه الخصائص المشتركة، المصلحة المشتركة وحدة الإديولوجيا والقيم وقد يتأثر هذا العنصر (التقارب، التباعد) بعناصر خارجية.(تدريب تحضيري، التكويني، ربط علاقة مع جماعة أخرى قد يؤدي إلى فشل الجماعة نفسها).
3. التواصل:
تنفيذ مهام الجماعة تمر عبر التواصل، وهو مجموعة من العمليات مادية ونفسية وعن طريقه تتم العلاقة بين شخص أو عدة أشخاص.
4. قواعد وضوابط الجماعة:
القاعدة هي كل ما يستحسن، القاعدة مقبولة ومرغوب فيها وتمارس الجماعة مجموعة من السلوكيات تكون مضبوطة ومنظمة بقانون أو بعادات مقبولة من الجماعة وأعضاء الجماعة ملزمون باحترام هذه القواعد والضوابط ذلك لأن الجماعة تمارس نوعا من الرقابة الاجتماعية ،وترتكز على قاعدة الجزاء(عقاب، جزاء).
5. الأدوار:
غالبا ما تخضع الأدوار للقانون والوضعية يحلونها في إطار النظام الاجتماعي، وقد يكون للشخص عدة وضعيات، والآخرون ينتظرون أحيانا منا سلوكا ينطبق والفكرة يكونوها عن الوضعية وقد تظهر نزاعات بين أفراد الجماعة لها علاقة "بالدور" ويمكن التمييز بين ثلاثة مستويات من الأدوار:
• الدور المركز حول العمل (المهمة ) الواجب القيام به، والذي ينسق مجهود الجماعة في أدائها وعملها (شخص يمكن الجماعة بمعطيات، إخبار، آراء...) وكلها أدوار مركزة على المهمة.
• الأدوار المركزة على الحفاظ على وحدة الجماعة والاحتفاظ على معنوياتها وحصر حدة النزاع، وضمان مشاركة أفرادها والحفاظ على الطمأنينة.
• الأدوار المركزة على حاجيات نفسية ( حب الظهور، فرض النفس، البحث عن التقرب من الآخر...).
6. التفاعل:
هناك تفاعل عندما يكون تدخل ما موضوع إجابة أو تدخل شخص آخر. ونجمل بعض الملاحظات على النحو التالي:
أ. جو اجتماعي عاطفي ايجابي أو الطور الاجتماعي العاطفي الإيجابي:
• يعطي الدليل على التضامن.
• يظهر الارتياح.
• يستحسن ويتفق.
ب. جو اجتماعي – عملي:
• يعطي اتجاه – اقتراح.
• يعطي معلومات وآراء.
• يلخص.
• يطلب معلومات.
• يطلب رأي.
• يطلب اتجاه.
7. الزعامة:
فالزعامة هي مجموعة العمليات التي بواسطتها يستطيع شخص ما تسيير وضبط والثأتير على أفكار وسلوك وعواطف أشخاص آخرين .فالزعيم أذن هو الشخص الذي يكون بارزا داخل الجماعة ويؤثر فيها ويساعد على:
• تخطيط الأهداف.
• حل المشاكل القائمة بين الأشخاص.
• يحافظ على الاحترام بين الأشخاص.
وقد بين "هومانز" هذه المسالة بمهارة للغاية بقوله: (أن القائد ليس في حاجة إلى مجموعة من القواعد، ولكنه في حاجة إلى طريقة جيدة لتجليل الموقف الاجتماعي الذي يجب أن يتصرف فيه. فادا كان التحليل مناسبا، فان طريقة ما لمعالجة الموقف ستوعز للقائد أن يتبعها.
لزعيم وظائف:
يقوم بها للحفاظ على الجماعة وضمان استمرارها وإنتاجيتها نذكر منها ما يلي:
أ. إتباع هد ف المجموعة (رئيس، قائد، مسير، موجه)
ب. التسيير.
ج. يدفع بالمجموعة إلى القيام بعمل (الفعل).
د. يقوي شعور المجموعة بالطمأنينة.
ه. يعمل دون اعتبار مصالح الشخصية والخاصة.
8. التماسك – الامتتالية لانحراف:
• بدون التماسك لا وجود للجماعة والتماسك هو استمرار الجماعة موحد هو مطلب للجماعة تجاه جميع أعضائها.
التماسك هو تأكيد المراقبة والضغط لتحقيق الوحدة أو الشعور "ٌبنحن" والوجود الجماعي.
• الآمتتالية تترجم بقواعد وأشكال خاصة وجامدة.
• الانحراف هو اختيار لتغيير قواعد الجماعة المثيرة لردود فعلها والمسيئة لمبادئها وأهدافها والمتناقضة مع طرق أدائها أو هياكلها.